دراسة نقدية للناقد نبيل مصلحى لديوان اشجار الخوف للشاعر رضا أبو الغيط
كل الشكر لأستاذى الشاعر والناقد نبيل مصلحى علي هذه الدراسه عن ديوان أشجار الخوف والتى تتضمنها كتاب مؤتمر اقليم شرق الدلتا
""""""""""""
أشجار الخوف .. رضا أبو الغيط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لن يختلف معي أي أحد عن أن الشعر موهبة ومنحة إلاهية ، خصها الله سبحانه وتعالى لمن اصطفاه له ، فهو ذلك المناجي للجمال والخير والعدل والفضيلة ، وهو ذلك الرحَّال في عالم الخيال البديع ، وعالم الأحلام ، وواحات الأمان ، ورياض الأماني والتأملات ، فالشاعر يحلم في يقظته ، ويسافر ويتنقل من أماكن لأخري ، ومن أزمنة لأخرى ، وهو لا يبرح مكانه .
والشاعر أيضا ، هو ذلك الصانع الذي يتقن صياغة ما وهبه الله له من شعر ، بتعبيراته اللغوية ، والملامح التي تعبر عن الذات الإنسانية ، وهو ذلك المتحرر من قيود وأطر الواقع أو السلطة .
وبشكل غير معد له تأتيه القوافي تلقائية ، فيحسن استقبالها واحترامها ، فلا يجعلها تطغى على المعنى .
وفي الشعر ألوان متعددة ، في الوصف ، والفخر ، والحماسة ، والنقد ، والسخرية ، والوطني ، والديني ، والرومانسي ، والسياسي ، والاجتماعي ، ولا يخلو الشعر من الخواطر ، ولا يبعد عن التأمل ..!
وشاعرنا رضا أبو الغيط في ديوانه ( أشجار الخوف ) الصادر عن دار النيل والفرات للنشر والتوزيع ، تعامل مع ألوان متعددة ومتباينة للشعر ، ورصد لنا مشاهد من الحياة في الريف والحضر ، وكشف الستار عن حقائق في زمانه وعالمه مليئة بالأحداث ، ولم يستسلم أو ينكسر أمام المحن .. ( أنا قلت أفوت / عالم ما بيعرف غير الموت / عالم مسخوط / بيخش حواري وقلب بيوت / وبيقلب كل حقايق الكون ) .
ولأنه شاعر يأبى أن ينفلت من زمانه ، فهو يحمل رسالة يؤديها على مدى حياته ، هذه المهمة واجبة ، مهما كلفته من مشاق ، وتعب وآلام ، ولو تبقى من عمره لحظة ، سيعلن فيها ما لديه ، ولن يستسلم إلا بالموت .. ( بين أنين الذكريات / والمواجع والسكات / والحنين اللي في قلوبنا / صابه سهم الغدر مات / واللي فاضل مني لحظة / لجل ما احكي للي عايش / قصة الشوق والآهات والضحايا والرحايا م اللي دارت فوق أملنا / والطموح والأمنيات / لجل ما احكي للولاد / قصة الديب اللي خان / اللي باعنا للجبان / اللي لابس ألف وش ، اللي عاش عمره يغش ، قلبي طارح بالأمان / لجل ما احكي للشاب ) .
والشاعر لا يهرب من واقعه ، ومن الأحداث والظروف التي يمر بها أو تمر عليه ، لا يعنيه ما يتلسن به البعض عنه ، في هذه القصيدة التي يتكلم فيها بضمير الأنا ، فهو شجاع مع نفسه ، عندما قرر هو ، أو بطل قصيدته السفر خارج حدود الوطن ، وباع البقرة ، و( حبة البط ) من أجل تذكرة السفر ، ويترك أمه التي تحتاج العناية والرعاية ، وزوجته وإبنه ، ويذهب إلى بلاد الغربة ، ولخص هذه السفرية بشجاعة وصدق ، وأحسن تصوير لوحة كلية للغربة ، وحصادها المر .. ( قمت ركبت البحر وجيت / لجل ما اقابل أهل البيت / وان جيت اتغرب تاني / أو يفصلنا ثواني الشط / قولوا عليَّا بقيت مجنون / وان العقل العاقل شط ) ، ليقرر لنا أنه تعلم من التجربة ، وهي أيضا جرس أنذار لمن يفكر في السفر .
ويلخص لنا أيضا حقيقة الحياة في زمنه دون أي زيف أو إخفاء لها ، هذا لأن مشاعره دفعته دفعا قويا ، أن يقول وهو الشاعر القوَّال الذي يمتلك الإحساس ، ففي قصيدة ( جرعة مر ) ، والتي يتكلم فيها بلسان الجمع ، فهو شاعر يعبر عن بيئته وناس بيئته ، وما يعانوه من ضغوط وأزمات ومصائب وجريمة وظلم .. ( مطلوب ندوق المر / ونصب منه كاسات / لجل الحياه ما تمر / ونودع الأموات .... واحنا لا دقنا الشهد / ولا حتى دقنا فتات / كل اللي زاد ع الخد / كام دمعه للأموات .... حتى الضمير الحي / م الظلم ولى ومات ) .
لقد اختار الشاعر رضا أبو الغيط هذا الأسلوب السهل الممتنع ، عميق المعنى ، والمنسجم مع أحاسيسه ، ومشاعره لينطلق به في عالمي الزجل والشعر ، ليؤكد على قدراته الغير عادية ، لإنتاج قصيدة العامية المصرية .
وفي أشجار الخوف جمع ألوانا متعددة ومتباينة للحزن والهم وسواد الدم ، ومرارة الحنظل ، والآلام والأوجاع ، والحيرة ، والغربة ، والآهات ، واللهفة ، والدموع ، والأماني، والأحلام على مصطبته الريفية المتواضعة ، ليجعل من شعره ، مادة للتسامر العاطفي ، وطريقة للقوالة التي تهدف إلى بلوغ الغاية، ووصول الرسالة إلى المتلقي .
ــــــ
""""""""""""
أشجار الخوف .. رضا أبو الغيط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لن يختلف معي أي أحد عن أن الشعر موهبة ومنحة إلاهية ، خصها الله سبحانه وتعالى لمن اصطفاه له ، فهو ذلك المناجي للجمال والخير والعدل والفضيلة ، وهو ذلك الرحَّال في عالم الخيال البديع ، وعالم الأحلام ، وواحات الأمان ، ورياض الأماني والتأملات ، فالشاعر يحلم في يقظته ، ويسافر ويتنقل من أماكن لأخري ، ومن أزمنة لأخرى ، وهو لا يبرح مكانه .
والشاعر أيضا ، هو ذلك الصانع الذي يتقن صياغة ما وهبه الله له من شعر ، بتعبيراته اللغوية ، والملامح التي تعبر عن الذات الإنسانية ، وهو ذلك المتحرر من قيود وأطر الواقع أو السلطة .
وبشكل غير معد له تأتيه القوافي تلقائية ، فيحسن استقبالها واحترامها ، فلا يجعلها تطغى على المعنى .
وفي الشعر ألوان متعددة ، في الوصف ، والفخر ، والحماسة ، والنقد ، والسخرية ، والوطني ، والديني ، والرومانسي ، والسياسي ، والاجتماعي ، ولا يخلو الشعر من الخواطر ، ولا يبعد عن التأمل ..!
وشاعرنا رضا أبو الغيط في ديوانه ( أشجار الخوف ) الصادر عن دار النيل والفرات للنشر والتوزيع ، تعامل مع ألوان متعددة ومتباينة للشعر ، ورصد لنا مشاهد من الحياة في الريف والحضر ، وكشف الستار عن حقائق في زمانه وعالمه مليئة بالأحداث ، ولم يستسلم أو ينكسر أمام المحن .. ( أنا قلت أفوت / عالم ما بيعرف غير الموت / عالم مسخوط / بيخش حواري وقلب بيوت / وبيقلب كل حقايق الكون ) .
ولأنه شاعر يأبى أن ينفلت من زمانه ، فهو يحمل رسالة يؤديها على مدى حياته ، هذه المهمة واجبة ، مهما كلفته من مشاق ، وتعب وآلام ، ولو تبقى من عمره لحظة ، سيعلن فيها ما لديه ، ولن يستسلم إلا بالموت .. ( بين أنين الذكريات / والمواجع والسكات / والحنين اللي في قلوبنا / صابه سهم الغدر مات / واللي فاضل مني لحظة / لجل ما احكي للي عايش / قصة الشوق والآهات والضحايا والرحايا م اللي دارت فوق أملنا / والطموح والأمنيات / لجل ما احكي للولاد / قصة الديب اللي خان / اللي باعنا للجبان / اللي لابس ألف وش ، اللي عاش عمره يغش ، قلبي طارح بالأمان / لجل ما احكي للشاب ) .
والشاعر لا يهرب من واقعه ، ومن الأحداث والظروف التي يمر بها أو تمر عليه ، لا يعنيه ما يتلسن به البعض عنه ، في هذه القصيدة التي يتكلم فيها بضمير الأنا ، فهو شجاع مع نفسه ، عندما قرر هو ، أو بطل قصيدته السفر خارج حدود الوطن ، وباع البقرة ، و( حبة البط ) من أجل تذكرة السفر ، ويترك أمه التي تحتاج العناية والرعاية ، وزوجته وإبنه ، ويذهب إلى بلاد الغربة ، ولخص هذه السفرية بشجاعة وصدق ، وأحسن تصوير لوحة كلية للغربة ، وحصادها المر .. ( قمت ركبت البحر وجيت / لجل ما اقابل أهل البيت / وان جيت اتغرب تاني / أو يفصلنا ثواني الشط / قولوا عليَّا بقيت مجنون / وان العقل العاقل شط ) ، ليقرر لنا أنه تعلم من التجربة ، وهي أيضا جرس أنذار لمن يفكر في السفر .
ويلخص لنا أيضا حقيقة الحياة في زمنه دون أي زيف أو إخفاء لها ، هذا لأن مشاعره دفعته دفعا قويا ، أن يقول وهو الشاعر القوَّال الذي يمتلك الإحساس ، ففي قصيدة ( جرعة مر ) ، والتي يتكلم فيها بلسان الجمع ، فهو شاعر يعبر عن بيئته وناس بيئته ، وما يعانوه من ضغوط وأزمات ومصائب وجريمة وظلم .. ( مطلوب ندوق المر / ونصب منه كاسات / لجل الحياه ما تمر / ونودع الأموات .... واحنا لا دقنا الشهد / ولا حتى دقنا فتات / كل اللي زاد ع الخد / كام دمعه للأموات .... حتى الضمير الحي / م الظلم ولى ومات ) .
لقد اختار الشاعر رضا أبو الغيط هذا الأسلوب السهل الممتنع ، عميق المعنى ، والمنسجم مع أحاسيسه ، ومشاعره لينطلق به في عالمي الزجل والشعر ، ليؤكد على قدراته الغير عادية ، لإنتاج قصيدة العامية المصرية .
وفي أشجار الخوف جمع ألوانا متعددة ومتباينة للحزن والهم وسواد الدم ، ومرارة الحنظل ، والآلام والأوجاع ، والحيرة ، والغربة ، والآهات ، واللهفة ، والدموع ، والأماني، والأحلام على مصطبته الريفية المتواضعة ، ليجعل من شعره ، مادة للتسامر العاطفي ، وطريقة للقوالة التي تهدف إلى بلوغ الغاية، ووصول الرسالة إلى المتلقي .
ــــــ
تعليقات
إرسال تعليق