ماحدث بالأمس...رواية قصيرة بقلم القاص المبدع / رشاد الدهشورى .الحلقة الثانية


..احس بالم فى مثانته ,دخل الى الحمام .تأمل الجرح فى مؤخرته ,بال وهو يتألم .احس الما فى عضوه وحرقان شديد , الدكتور قال احتمال يكون التهاب البروستاتا.
عندما ذهب الى الصيدلية فاجأته الدكتورة وهى تكتب على علبة خضراء
(لبوس ثلاث مرات ) وابتسمت ابتسامة غريبة.
نفذنصف علبة اللبوس ولم يشعر بتحسن .
لما ذهب الى طبيب أخر نهره بشدة
_ انت متجوز ؟؟؟
ولم يجيب ..
(اكيد انت انسان عكاك إتق الله فى نفسك)
واردف ..عندك سيلان ..علشان تبطل ترمرم.
تذكر ..لما احتوتة تلك المرأة المتخشبة الصدر كانت بقعة من الدم اسفل قميصها لكنه اغمض عينيه .
احس بالقرف..ارتدى ملابسه .احس الما فى خصيتيه وظهره .
تعلقت برقبة وفمها فى فمه :
_طب نستحمى الآول.
_سيبنى امشى
ويدفعها محاولا الابتعاد عنها ,تندفع اليه وتلف يديها حول عنقه وصدرها فى صدره تماما.:
_عجبتك؟؟؟
يصمت ..فتزووم
_إوعى تغتكر انى ؟؟؟؟انا اول مره اخون جوزى ..
احس بالدهشة والدوار ,دفعها عنه |
حاسس انى دايخ وعايز ارجع اللى فى بطنى ..
امسك ديوان نزار فبانى يقلبه .ثم جلس يتفحص الادويه ويقرا نشراتها كلها مضادات حيوية , بصق (طظ فى الشعر ,طظ فى الستات والفلسفة ونوسه واشباهها
**
اشعل سيجارة محدثا نفسه وهو يتأمل الشق والرشح بالسقف مقلدا صاحب العمارة :
_"حصوة فى عين اللى مايصلى على النبى ,البيت ده متين ومبنى بمزاج ههههههه"
الدخان يتصاعد حتى يصطدم بسقف الغرفة ويدور حول اللمبه الصفراء المعلقة بالسقف
يفتح التليفزيون ,وتتوالى اخبار هزائم العرب فى اليمن وفى العراق ,يزداد الألم فى مؤخرتة وحرقان شديد
يغلق التليفزيون , يبصق.
يمسك صورة حبيبته "ليلى" البنت التى حلم بها وحلمت به .لما قبلها بين عينيها فى المرة الأخيرة ابتسمت قائلة :
_"انا خايفةاحسن تضيع منى ,لو بتحبنى صحيح تبطل بحلقة فى النسوان "
ضحكا معا..قالت
_إوعدنى تبطل رمرمة وتاخد دواك فى ميعاده.
قفز من مكانه كالممسوس .محدثا نفسه "ميعاده ميعاده ؟؟ميعاد "ليلى "
فتح علبة لبوس وضع واحدة فى فتحة شرجه ,.
صفف شعره وقفر السلالم خارجا الى الشارع .
يوقف تاكسى ..يتحسس الجرح بمؤخرته وجيب بنطاله المشقوق يتذكر انه فقد حافظة نقوده وقصائده ,
_اسف يا اسطى ..انا هاخدها مشى
.
السائق يبتسم ابتسامة صفراء "عالم مجانين".
ينظر الى فردة حذائه التى دهكتها السيارات والايام وقد تغير لونها فبدى وكأنه بهلوان يرتدى فردتى حزاء مختلفتين تماما.
يبتلع ريقه المر بطعم الغلقم ويتخلله هم وغيظ عميقين ..يتذكر وجه"ليلى" حبيبته يبتسم ,يسرع الخطى , يهرول ,يجرى فى خطى منتظمة ..
***
يصل الى الحديقة العامة الهادئة مكان لقائهما المفضل ,يجول بعينيه فى المكان,يراها وسط الزهور,يجرى اليها .تجرى ناحيته وفى يدها زهرتين ,يكادا يتعانقا.تتسع عيونهمابفرح طفولى ,يقبض على يديها ويدوران فى الحديقة .يحلسان بالقرب من النافورة ,يقبل كفيها .اصابعها..اظافرها تم يرفع وجهه ببطىءمحدقا فى عينيها منحدرا الى شفتيها ,تغمض عينيها ,ترتعد,:
_بلاش كده بدوخ
يضغطها الى صدره, تتعانق الاعين ,تهمس ,"انت مجنون"
تنفلت منه , يهمس "بحبك"
ويرتفع ماء النافورة فى الهواء ليتشكل فى ضوء الشمس المائلة للغروب بلورات رائعة.
يجريان على الحشائش, يختفيان فى ظلال الاشجار لثوان. يحكى لها ماحدث ويريها الجرح الذى بمؤخرته ويحكى لها ما فعلته فردة الحذاء المجنونة فيضحكان وكأنهما يسخرا من ماحدث..
يتوارى بين الاشجار "يبول وهو يتألم
تضحك ..
يجلس بجوارها , ويضحكان وكأنهما لم يضحكا من قبل .يفرك عضوه بطريقة جنونيه ويتألم ..
_لسه فيه الم وحرقان ؟؟
يهز رأسه بالايجاب .:
-"علشان تبطل دناوه"
ثم اردفت :
_"انا اللى استاهل ..مستنياك ونفسى اتجوزك وانت ولا فى بالك"
تنهدت قائلة :
_اه ابن عمى بيلمح ..وانت لازم تقابل بابا وكل شيء ممكن يتدبر ,بس انت حس وسيبك من حكاية الشعر والقصص دى , دا الشعر ما يأكلش عيش ..
يرفع يدها الى فمه يقبل كف يدها يضمهما الى صدره وبالقرب من باب الحديقة يهمس لها :
_"بحبك "
تبتسم
_"هستناك"
يعدها انه سيزورهم فى الغد.يغمرهما فرح طفولى , وقبل ان يفترقا يخطف قبلة سريعة بين شفتيها ثم يواصل المشى , يسرع الخطى ..يهرول , طوال الطريق يخلم ..كلماتها تتردد فى رأسه..إبتسامتها الحلوة..حرارة كف يدها بين يديه.
هدىء من مشيته..تسكع فى الشارع يتأمل الفاترينات , واجهات المحال التجاريه ..يقرأ اسعار فساتين الزفاف..بدل الرجال واربطة اعناقهم..اسعار الاحذية الفاخرة .
****
يصعد السلم الى شقته ..يدندن..يفتح باب الشقة ,يجلس بالصالون "كرسر خرزانى قديم وطاوله عجوز متهالكة ,يدقق النطر الى الشق الموجود بالحائط يخيل الية انه اتسع حتى صار شرخا كبيرا.
راح يخبط اصابعه فاى رأسه وكأنما يهش عصافير الخوف من جمجمته يتأمل صورة امه المعلقة على الحائط فى برواز باهت قديم ,عندما ترك القرية قادما الى القاهرة بكت امه وقبلته ودعت له .:
"روح يا إبن بطنى ربنا يوقف لك فى سكتك اولاد الحلال, ويرزقكببنت الحلال اللى تريح بالك"
زرفت عينيه دمعتان ,تمنى لو يملك بساطا سحريا يحمله الى قريته ..الى قبر امه .
احس انه فى حاجة شديدة للبكاء, بكى بشدة.
امسك كتاب فرويد تصفحه ثم القاه جانبا واشعل سيجارة دحنها وفتح التليفزيون الابيض والاسود الملصوقة عظامه بالبلاستر .
القناة الاولى وموجز اهم الانباء:
" القوات الامريكية تلقى القبض على صدام حسين."
"مقتل اكثر من خمسة الاف عراقى فى تفجير فى البصرة"
"حزن شديد وحداد عام فى بريطانيا لموت قرد من النوع النادر"
"انهيار برج الاسكندريه بسبب غش فى حديد التسليح والاسمنت "
يقفز من مكانه ,يحدق فى الشق الموجود يالسقف .
يفتح الثلاجة القميئة واحضر طبق خيار مملح وفتح زجاجة بيره "الدكتور اوصاه بالاكثار من شرب البيره والشعير المغلى "شرب وراح يتحرك فى الغرفة وكأنه مجنون
امسك بعض قصائده القديمة والمنشورة فى جرائد كثيرة
وكومة من الاوسمة وشهادات التقدير الادبية يقلبها ويضحك محدثا نفسه
"مين يشترى كتاب ويدينى خمسين جنيه ؟؟ كتابين ويدين الف جنيه بس ..يقفز ليجلس فوق الطاولة القديمة واضعا يديه على رأسه يسترجع كل ماحدث..يبكى ثم يضحك .يترنح من شدة الضحك والدموع تملأ عينيه.
...الى اللقاء فى الحلقة القادمة ان شاء الله


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من سنين بقلم رضا ابو الغيط

مهد السُدى بقلم المبدع حماده ابو السعود مطر