لست منهم ( للعاقلين فقط ) بقلم . شحات خلف الله كاتب ومُحام
لست منهم عنوان لمقال قد يكون مثيراً للدهشة من القارئين وهذا ما أطمح فيه وهو أن يستمر الإندهاش والترقب حتى أخر حروفه .
من هم هؤلاء اللّذين لست منهم وأتفاخر بقولها ؟
لماذا هؤلاء يجب التبروء منهم والبعد عن منهجهم وسلوكهم ؟
ما الدليل على أننا لسنا منهم ؟
ثلاث أسالة يحويها المقال وما يحتوية من أدلة وأسانيد راسخة وثابته فى الوجدان كالجبال الراسيات جديرة بالمتابعة للخروج بعدها بقناعة بإنه ما زال هناك أمل .
بادئ ذا بدأ القارئ الكريم إن كنت من هواة عدم القراءة والبقاء مطموس البصيرة الباحث عن البضاعة بخسة الثمن لا تقترب من حروف مقال عانيت الكثير فى البحث عنه فى المصادر المختلفة فأنا هنا أحاول طمئنتك والوصول بك الى مرحلة من القناعة بإنك لست منهم .
أنت من خيار القوم وأفضلهم وما زال الطريق أمامك مفتوحا والنوافذ مشرعة وتحتاج فقط الى القراءة حتى تتيقن من إنك لست منهم .
جميعنا يتفق على أن الموت قادم لا محاله للكبير والصغير للجميل وللدميم للصفوة ولغيرها وهو المرحلة الفاصلة بين السوق الدنيوي والبحث عن المتاع الصالح فى رحلة السفر البرزخيه الى الجنة الباقية .
ودعنا كثيراً وكثيراً من الفئات العمرية المختلفة و رآينا بإم أعيننا الطموحات الكثيرة التى كانت لدى أصحابها ووجدنا من بيننا من يترحم عليهم ويدعوا لهم بالمغفرة ومنهم من وراه النسيان وأختفت ذكراه بين ثوانى وعقارب الزمن ولم يتذكره أحد .
القيامة وعلاماتها الثابته فى الأحاديث الصحيحة وأمهات الكتب هى اللحظة التى ينتظرها الكثير بحالة من الترقب والوجل والخوف وقيامتنا الحقيقيه عند أعلان لحظة الوفاة بالنسبة لنا فقد إنقطع السبيل وبقى ما حصدت الجوارح فهنيئا لمن فاز فيها واشترى السلع القابلة للتخزين وأجاد حفظها فى مكانها المناسب .
لست منهم أولئك اللّذين ستشرق الشمس عليهم من المغرب أو يصادفون يأجوج ومأجوج ومن تقشعر جلودنا عند مشاهدة بعض علاماتهم الراسخة فى إمهات الكتب
وذلك لسبب بسيط هو أنه ما زال هناك أمل فى بقية من أولئك الصالحين اللّذين يسجدون ويركعون ويؤدون الفرائض فى خشوع وطمأنينة وسكينة والقيامة لا تقوم إلا على شرار القوم .
هيا معى لنبحر سويا فى علامات هؤلاء الاشرار كما وجدت فى المصادر المختلفة ومنها الاسلام سؤال وجواب فأعيرونى عقولكم وأندهاش أعينكم ولنفرح سويا بإننا لسنا منهم فقد دلت السنة الصحيحة على أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق ، حين لا يقال في الأرض : الله . وذلك في آخر عمر الدنيا ، بعد ظهور المسيح الدجال وقتله على يد عيسى بن مريم عليه السلام وظهور الإسلام وأهله ، وتطبيق الشريعة في الأرض .
روى البخاري (2222) ومسلم (155) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ).
وفي رواية لمسلم : ( وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا ، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا ، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ ).
والقلاص : الإبل الفتية .
قال النووي رحمه الله : " وَمَعْنَاهُ أَنْ يُزْهَد فِيهَا وَلَا يُرْغَب فِي اِقْتِنَائِهَا لِكَثْرَةِ الْأَمْوَال , وَقِلَّة الْآمَال , وَعَدَم الْحَاجَة , وَالْعِلْم بِقُرْبِ الْقِيَامَة . وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْقِلَاص لِكَوْنِهَا أَشْرَف الْإِبِل الَّتِي هِيَ أَنْفَس الْأَمْوَال عِنْد الْعَرَب . وَهُوَ شَبِيه بِمَعْنَى قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِذَا الْعِشَار عُطِّلَتْ ) وَمَعْنَى ( لَا يُسْعَى عَلَيْهَا ) : لَا يُعْتَنَى بِهَا أَيْ يَتَسَاهَل أَهْلهَا فِيهَا , وَلَا يَعْتَنُونَ بِهَا " انتهى .
فهذه مرحلة خير وإيمان وظهور لأهل الإسلام ، ثم تأتي مرحلة أخرى فينقص عدد المؤمنين ، حتى يرسل الله تعالى ريحا تقبض أرواحهم ولا يبقى إلا شرار الخلق ، فعليهم تقوم الساعة .
روى مسلم (148) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ : اللَّهُ اللَّهُ ).
وروى أحمد (3844) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ) حسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
وجاء تفصيل هذه المراحل في الحديث الذي رواه مسلم (2940) عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ ، قَالَ : فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا فَيَتَمَثَّلُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ أَلَا تَسْتَجِيبُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) .
قال النووي رحمه الله في شرحه : " قَوْله : ( فِي كَبِد جَبَل ) أَيْ وَسَطه وَدَاخِله . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَبْقَى شِرَار النَّاس فِي خِفَّة الطَّيْر وَأَحْلَام السِّبَاع ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ يَكُونُونَ فِي سُرْعَتهمْ إِلَى الشُّرُور وَقَضَاء الشَّهَوَات وَالْفَسَاد كَطَيَرَانِ الطَّيْر , وَفِي الْعُدْوَان وَظُلْم بَعْضهمْ بَعْضًا فِي أَخْلَاق السِّبَاع الْعَادِيَة .
وروى مسلم (2937) عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ . . . ثم ذكر نزول المسيح عيسى ابن مريم ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ ، فَيَطْلُبُهُ ( أي يطلب المسيح الدجال) حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ . . . ثم ذكر خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ : أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ . . . فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ) .
( يَتَهَارَجُونَ تَهَارُج الْحُمُر ) أَيْ : يُجَامِع الرِّجَال النِّسَاء بِحَضْرَةِ النَّاس كَمَا يَفْعَل الْحَمِير .
الحمد لله إذا لسنا منهم فما زال فينا الكثير من الصالحين ومن توفاه الله فينا فقد تبرء من شرار القوم ونحن ما زال فينا من الخير ما يجعلنا نتيقن بإن الأمل فى العودة والرجوع غير مستحيل فما زالت فينا بقايا النزعة الايمانية موجودة.
ختاما . كلامى فى المقال صدقة جارية أسأل الله أن يغفر بها الزلات ويسقينا بفضلها جرعة ماء يوم تدنوا الشمس من الرؤس لحظة العرض على الغفار وان تكون الفردوس دار السكن لنا جميعاً
تعليقات
إرسال تعليق